Thursday, April 12, 2007

إنهم يبكون أحياناً


تلك القصة من وحيه ، ...لذا أهديها إليه


....


_لا تبك يا بني.

قالها لي أبي في حزم ، فرفعت إليه عيناي الصغيرتان المتسائلتان ، فقال لي الرجال لا يبكون .

اندهشت كثيراً ، أخبرته بأني رأيته يبكي حينما توفى جدي ، فنهرني في قوة مؤكداً لي أنه لم يفعل ، لأن الرجال لا يبكون .

ظللت حائراً في كلام والدي ، وظلت ذات الكلمات بذات النبرات الحادة تتردد كالمضغة في كل الأفواه من حولي ، فإذا عوقبت ولمعت عيناي بالدموع أخبرني أصدقائي بأن لبرجال لا يبكون ، أتعجب!! ، أليس للرجال قنوات دمعية مثل النساء ، لكني أملك مثل هذه القنوات ، وقد اختبرتها مراراً وأنا وحيد غرفتي ، أرعبتني هذه الفكرة ، ألا أكون هكذا رجلاً صحيحاً؟؟!!

طرحت تساؤلاتي تلك على أبي ، فأخبرني بأن قوة الرجال تجعلهم لا يستخدمون ذلك الحق مع إتاحته لهم ، ثم صاح في وجهي "لماذا كنت تبكي وحيداً ؟،ألم أقل لك أن الرجال لايبكون ".

كنت دائم التعجب لموقف أبي من هذا الأمر ، وشببت و أنا أعتقده موقفاً خاصاً بأبي ،ففوجئت به موقفاً ومعتقداً عاماً يعتنقه الجميع ، كنت دائم الغبط لأختي الصغيرة ، فهي حين تبكي ، يسارع الكبار دائماً لإرضائها وتلبية رغباتها ، كنت أحياناً أتلذذ بضربها لا لقسوة في قلبي ، ولكن لأراها تبكي.... لأراها تمارس ذاك الحق المسلوب مني ، حتى حينما أحببت وقد فرض علي عنفوان الشباب روح التمرد على التقليدي ، كنت دائماً أدافع عن حقي في الدموع ، ولطالما طالني الجميع بالسخرية ، لكني لم أتراجع ، فكيف منعوني الدموع بحجة كوني رجلاً؟؟!

كيف جعلوني أتداولها كجريمة سرية ؟! ...

كيف سلبوني حقي فيها ولا أحاول استرداده ؟، ما يشغلني الآن ، هل سأظل هكذا إلى الأبد ؟!... أأظل على التحدي بأفكاري؟ ... وحبيبتي... كيف سأواجههابأفكاري ، أقنعها بأني رجلاً من حقه البكاء ...بأنه لا تعارض... لكنها تظل تحدثني بهدوء عن وجوب ظهور صورتي الرجولية مكتملة ..بلا دموع... لكن حينما أصررت أمامها على أفكاري ، صارت أكثر عنفاً وقسوة في ردود أفعالها ، فهي كأبي ...كأصدقائي..... كالمجتمع بأسره ، تحمل تلك الأفكار المتحجرة ، لم تستطع تحمل أفكاري ، رجتني أن أتخلى عنها ، لا.... لا أستطيع، أأتخلى عن حقي؟؟! ،أبيعه ابتغاء مرضاة الناس ...وهل أجد عزائي في نظرات الاعتزاز في عيونها .....

حبيبتي.... كيف ارتضيت لي هذا ، لكني لن أهتم لرأيك ...ولكن كيف يكون هذا؟ وأنا لازلت أحبها ، إلهي أغثني ، أنت اعطيتني هذا الحق الذي يريدون سلبي إياه ، ياله من صراع يقوده قدر أهوج ...فإما حبيبتي.... وأبي ....والمجتمع.... وإما أفكاري ، العقبة أني أعشقها ، قد أتخلى عن المجتمع بأسره لكني لا أستطيع تركها ، ... أيكون الثمن أفكاري ؟....ليتها تقدر ، ليتها تتفهم أسبابي ، لكنها كالآخرين ، تخفيني خلف قناع حجري.... لامفر من إرضائها ناعياً حقي .... وسأكون ككل الرجال......بلا دموع .





هااااااااا إيه رأيكم؟

6 comments:

أحمد الدريني said...

نعوذ به من عين لاتدمع

أحمد حربية said...

زيارة أولي لمدونتك ولن تكون الأخيرة إن شاء الله ...تكتبين بشكل رائع جدا،أما عن حق الرجال في البكاء فهو مسلوب كبقية الحقوق في وطننا السعيد ورأيي أنه لا يوجد رجل حقيقي بلا دموع

أحمد حربية

واحد said...

لعلك يادكتورة برهافة المبضع وقسوة النسيم تكتبين الرجال ..لا عن الرجال
تحياتي

خالد البلشي said...

كتابتك جميلة
لكن لدى اعتراف خاص بك لننى دائم البكاء ..ولن اتنازل عن هذا الحق ما حييت

لو كنت أعلم said...

خالد البلشي :

البكاء حق مكفول لكل مواطن يا أخي
ده زي الميه والهواء والمواطنة

أمال إيه ،

وفي الأخير
بلاش العتااااااااب

لو كنت أعلم said...

أحمد ندا :
كويس أن ده رأيك لإن صديقاتي لما قرأوها
اتريقوا عليا

وسألوني إن كان ده فعلاً حاجة مؤثرة عند الرجالة

يا ناس واضح إني بافهم

ده غرور ونرجسية بعد الضهر بس